صحة الرجل هي حجر الزاوية لرفاهية الأسرة والمجتمع، لكنها غالبًا ما تُهمَل. في الشرق الأوسط، حيث تربط الثقافات بين القوة والصمت، أصبحت مواجهة التحديات الصحية للرجال أمرًا ملحًّا. نستعرض في هذا المقال العوامل المؤثرة على صحة الرجل في المنطقة، ونؤكد على ضرورة تبني نهج استباقي للعناية الصحية.
السياق الثقافي: كسر حاجز الصمت
في العديد من المجتمعات الشرق أوسطية، تثني تقاليد الذكورة عن الاعتراف بالضعف. يُنظر إلى طلب المساعدة الطبية غالبًا على أنه ضعف، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص. كما تزيد التوقعات الأسرية من الضغوط، حيث يُفضِّل الرجل توفير احتياجات العائلة على الاهتمام بصحته. لتجاوز هذه المحظورات، يجب إعادة صياغة النظرة إلى “القوة” لتشمل تحمُّل المسؤولية عن الصحة.
أبرز المشاكل الصحية
١. أمراض القلب والشرايين: تساهم معدلات التدخين المرتفعة والخمول البدني في انتشار أمراض القلب، التي تُعد السبب الرئيسي للوفيات.
٢. السمنة والسكري: تُسجِّل المنطقة بعض أعلى معدلات السمنة عالميًا، مع انتشار النظم الغذائية الغنية بالسكريات والدهون، مما يفاقم أزمة السكري.
٣. الصحة النفسية: تُهمَل قضايا مثل الاكتئاب والقلق بسبب الوصمة المجتمعية، مما يزيد من تدهور الصحة الجسدية ويزعزع الاستقرار الأسري.
٤. السرطان: تبرز سرطانات البروستاتا والرئة كتحديات كبيرة، لكن الفحوصات الدورية ما زالت محدودة.
عوائق أمام الرعاية الصحية
- النفاذ إلى الخدمات: تتفاوت جودة الخدمات بين المدن والمناطق الريفية، وتعاني مناطق النزاعات من نقص حاد.
- التوعية: يؤدي غياب التثقيف الصحي إلى تفاقم أمراض يمكن الوقاية منها.
- التأثير الاقتصادي: تضعف الصحة المتدهورة إنتاجية القوى العاملة، مما يؤثر على الاقتصاد.
الحلول والمبادرات
- السياسات والحملات: تُعد حملة الإمارات “لا بأس أن لا تكون على ما يرام” للإعلام عن الصحة النفسية، وإصلاحات رؤية السعودية ٢٠٣٠ في القطاع الصحي، نماذج ملهمة.
- إشراك المجتمع: استخدام القيم الأسرية لتشجيع الرجال على الاهتمام بصحتهم كواجب نحو أحبائهم.
- الطب عن بُعد: توسيع نطاق الخدمات في المناطق النائية عبر المنصات الرقمية.
دعوة للعمل
- الفحوص الدورية: التشجيع على الكشف المبكر عن الأمراض.
- حوار مفتوح: تطبيع النقاش حول الصحة النفسية والجسدية في الإعلام والمجتمعات.
- التعليم: دمج التوعية الصحية في المدارس وأماكن العمل.
خاتمة
الاهتمام بصحة الرجل في الشرق الأوسط ليس مسألة شخصية فحسب، بل ضرورة مجتمعية. بمواجهة الوصمات، وتحسين الخدمات، وتعزيز التوعية، يمكننا بناء مستقبل صحي. معًا، يمكننا تحويل صحة الرجال إلى ركيزة لقوة المجتمع.
ملاحظة أخيرة
التقدم جارٍ، لكن الاستمرارية هي المفتاح. فلنعمل جاهدين لجعل صحة الرجال انعكاسًا للقوة الحقيقية، وضمان حق كل رجل في العيش بصحة جيدة من أجل نفسه ومجتمعه.